يعيش الانسان احيانا غربة عن مجتمعه واهله وربما عن نفسه,وتملكه مشاغل الحياة ومتطلباتها.ويبدو ان تعدد الاهتمامات وايقاع الحياة السريع يفرض واقعا مختلفا ويستحوذ على وقت الانسان واهتماماته.
وفي ظل هذا الايقاع يتقلص التواصل الانساني مع الاسرة والاصدقاء والمقربين.وترى كل فرد يركض في عالمه الخاص.ولكن عندما ياتي رمضان.هذا الشهر الكريم بروحانياته.فانه يمنحنا الفرصة ان نستعيد عالمنا الجميل ببساطته وانسانيته.
يغير رمضان من اسلوب حياتنا اليومية ويجعل حياة الناس تسير وفق قواسم مشتركة مختلفة كوقت الافطار الذي يجمع افراد الاسرة على مائدة واحدة.وجمالية هذا التجمع المسحة الروحانية التي تربط الافراد وتطهر النفوس.والحقيقة ان التواصل الاسري والاجتماعي في شهر رمضان هو احدى ميزات هذا الشهر الفضيل.فالاسرة في كثير من مجتمعاتنا ضعفت فيها الروابط واصبحت الاهتمامات الذاتية تسيطر على الافراد مما يسبب تباعدا حتى في المشاعر.ويترك مثل هذا التباعد نوعا من الفراغ الروحي والعاطفي عند افراد الاسرة.لكن شهر رمضان يتيح الفرصة لاحياء هذه العلاقات الاسرية.وفرصة للتعبير عن مشاعرنا تجاه افراد اعتدنا ان نعتبر حبهم في حكم المضمون.
ان السكن في منزل واحد لم يعد بالضرورة يعني ان الافراد يلتقون في نفس الافكار والمشاعر.لكن المساحة والمرونة في تقبل التباين بين شخصيات الافراد وامزجتهم يجعل الحياة افضل والمشاعر اكثر قربا.وربما افضل وقت لتجاوز مثل هذه المساحات ولمد الجسور بين بعضنا البعض هو هذا الشهر الذي يضاعف فيه الاجر وتكون النفوس اكثر شفافية وبساطة.
علمتنا الحياة ان كل شيء يحمل ضريبته معه فالتطور والانفتاح يجعل كل شخص عالمه المختلف.كما ان العامل المادي يولد الانانية الفردية للاشخاص ويجعل محور اهتمامهم منصبا فقط على ذاتهم.ويظل تطهير النفس وغسلها من الداخل.المدخل لاستعادة الجانب الانساني في ذاتنا.اذ ان رمضان يعتبر موعدا شخصيا لكل انسان مع نفسه لمراجعة ذاته ومحاولة رؤية الامور بشكل اشمل وجديد.
هناك اشياء جميلة في حياتنا.لكننا لانراها لاننا لا نكلف انفسنا محاولة النظر اليها.وربما تشابه الايام والروتين يحجب الرؤية عنها.ولكن رمضان بروحانيته وبرنامجه اليومي المختلف واجوائه يمنحنا الفرصة كي نرى هذه الاشياء ونشعر بنعمتها ونسعد بها.
(دعونا نحاول ان نكتشف انفسنا من جديد في هذا الموعد السنوي الخاص)