12-08-2008, 06:21 AM
|
#1
|
إحصائية
العضو |
|
|
رحمك الله يا «أبا محمد»
 |
|
 |
|
رحمك الله يا «أبا محمد»
كتب:نبيل العوضي
أعرفه منذ سنوات، صوام قوام كثير الذكر لربه عز وجل، إذا رأيته عرفت في وجهه الايمان، قليل الكلام في أمور الدنيا، لا يجلس معي إلا ويحثني على أمر فيه طاعة لله...
يحب سُنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، يبحث عنها ويسأل ويتتبعها، لا يدع الاثنين والخميس إلا وصامهما في الصيف وفي الشتاء، سريع الذهاب إلى المسجد بطيء الخروج منه، يحب الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
لا اذكر وجهه إلا مبتسما إلا إذا علم بأمر فيه انتقاص للدين أو ظلم لأحد من المسلمين، فإن الهم ينزل عليه ويتملكه، حسن الخلق لا اذكره رفع صوته يوما أو اشتكى منه أحد اخوانه أو اساء لغيره، كريم ولو كان بحاجة للمال، متواضع سمح لين الجانب.
انه «أبومحمد» ـرحمه اللهـ أحد الرجال الذين قامت على سواعدهم مبرة «طريق الايمان»، أحد المخلصين ـنحسبه والله حسيبهـ الذين عملوا بجهد متواصل صباحا ومساء من أجل أن تنشأ هذه المبرة التي لم يكن الهدف منها إلا نشر الخير والدعوة إلى الله، طرق كل باب وجلس مع كل من يعرف، واتصل مع كل محسن يعرفه يحثه على المساهمة في انشاء مبرة تكون مقرا وملاذا لكل من أراد أن يتزود من الايمان أو يتوب من الذنوب والمعاصي فكم هم الذين اهتدوا عن طريق هذه المبرة و«لابي محمد نصيب ـبإذن اللهـ في هدايتهم».
أبا محمد... طيفك لا يغيب عن ذهني، كلامك واحاديثك مازالت ترن في مسمعي، نصائحك ووصاياك ستظل في ذاكرتي، مكانك في المبرة سيبقى شاهدا عليك بانك كنت أحد الذين أسسوا هذا الصرح وغيره من صروح الدعوة إلى الله.
«أبومحمد» الذي وافته المنية يوم الأحد الماضي وهو خارج بسيارته من بيته متوجها إلى «مبرة طريق الايمان»، يقول الذين شاركوا باسعافه ورافقوه إلى أن أدخل العناية المركزة وغاب عن الوعي، يقولون انه لما كان بوعيه لم يفتر لسانه عن ذكر الله وكلمة التوحيد.... هنيئا لك يا أبا محمد الثبات في تلك اللحظات... هنيئا لك كلمة التوحيد لحظة السكرات، نعم لقد عاش «أبومحمد» على هذه الكلمة وضحى من أجلها وامضى جُل وقته في سبيلها، ولم يخذله ربه جل وعلا فاستمر على ترديدها حتى فارق هذه الدنيا، فهنيئا لك يا أخي وحبيبي هذه الخاتمة.
كان شديد البر بأمه، يحبها حبا جما، ويدعو لها كثيرا، ولما توفيت حزن عليها حزنا شديدا وسمى ابنته باسمها، جمعه الله بها في جنات النعيم.
«أبومحمد» حاله كحال غيره من الذين لهم اوراق واثباتات من اوائل الستينيات وولدوا في الكويت وخدموا هذا البلد، ولكنه كان يتمنى لو امتلك جوازا يسافر به إلى مكة ويطوف بالبيت ويقبل الحجر ويصلي بالمقام ويدعو الله، ولكن استخراج الجواز احتاج إلى وساطات وشفاعات كثيرة فلما حصل عليه فرح كثيرا لانه سيشد الرحال إلى بيت الله، ولكن القدر سبق!! «وإنما الأعمال بالنيات»، وحسبنا الله على كل ظالم، اسأل الله أن يقصم ظهور الظالمين وان يعجل العقوبة لهم، آمين.
«أبومحمد» رحل عن الدنيا لان هذا هو قدر الله، «أحبب من شئت فإنك مفارقه»، رحل عن الدنيا لان الأجل قد انتهى، وبإذن الله ما خرج إليه خير مما كان فيه، فالدنيا سجن المؤمن، وهي دار البلاء والفتن، ومن عرف حقيقتها لم يحزن على فراقها.
اخوانك يا أبا محمد في «مبرة طريق الايمان» و«لجنة التعريف بالاسلام» وغيرهم لن ينسوك ابدا، ولن يجحدوا فضلك ما بقوا، فابناؤك أبناء لنا، وسنلتقي ـ بإذن اللهـ في الجنة لاقص عليك كيف تسابق المحبون لك كل منهم يريد أن يقدم شيئا للوفاء لك، حفظ الله اهلك وابناءك وأعمامهم واخوالهم ذخرا وعزا لهم. وقبل الموت بساعات ذهب يصلي الظهر في المسجد وكان معه أحد الاخوان وكانا يتكلمان عن المنازل وجمالها فقال أبومحمد «اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة».
«أبومحمد» معلا الشمري، فجيعتنا بخبر موتك انستنا كل الهموم وكادت تطيش بنا لولا الايمان والرضى بالقدر، لقد دمعت العين، وتفطر القلب وحزن، ولم نقل إلا ما يرضي ربنا «إنا لله وإنا إليه راجعون.. اللهم أجرنا في مصيبتنا واخلفنا خيرا منها».
رحمك الله يا «أبا محمد» رحمة واسعة وغفر لك وجمعنا بك في جنات النعيم مع النبين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن اولئك رفيقا.
من أحب ان يشارك أحباب «أبي محمد» في عمل صدقة جارية له فلا يتردد، فالباب مفتوح وهذا الذي سيبقى.
alawadhi@alwatan.com.kw
تاريخ النشر: الثلاثاء 12/8/2008
 |
|
 |
|
 |
|
|
|