السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
استاذي الحبيبي ..
إن أذنت لي ..بودي أن أناقش الموضوع بواقعيةو بعقلانية أكثر ..
في الحقيقة تواجدي هنا ليس لتوضيح دور هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ..أو مدى وصاية هؤلاء الشباب أو الهيئات على الفتيات .. أوحتى مستوى ذلك السلوك ...
أنا هنا لأطرح سؤال واحد :
((( هل أنت مقتنع بأن مافعله أولئك الشباب أمر جائز شرعا ؟؟)))
مع احترامي لانسانية أولئك الشباب وحماسهم المتجلي لنا في ظاهره ، إلا أن الإسلام دين قائم على أسس ومبادئ وقيم انسانية متزنة بالدرجة الأولى لا على الهمجية والغوغاء ...
في الإسلام الأعمال الصالحة لابد أن يتوفر فيها شرطان حتى تُقبل:
الأول : الإخلاص :
لا بد أن يخلص المسلم في عمله حتى يتقبله الله ، ونحن هنا لا نستطيع الجزم بمدى اخلاص أولئك لذلك نكل نياتهم إلى الله عز وجل فهي ليست من شأننا أبدا .. ولكن لدي تساؤل ..إن كان هؤلاء الشباب حريصين فعلا على تغيير المنكرات .. ألا ترى معي أن الأقربون أولى بالمعروف .. لِم لا يفكر هؤلاء بإصلاح بني جنسهم من الشباب أولا قبل التطاول على الفتيات ؟؟
لم لا ينصحون أولئك الشباب أصحاب (اللو ويست ).. خصوصا أن البعض منهم أصبح يُنزل بنطاله إلى نصف فخذه تقريبا ناهيك عن ما يتجلى للأعيان من عورة يقشعر منها البدن .. والأغرب أن البعض أصبح يتفنن بأظهار الطبقة الإجتماعية والمنحنى الثقافي المنتسب إليه من خلال ماركة( الكلوت )الخاص به .. وكأن مستواه يقرره ذلك (الكلوت ) أعزكم الله!!! .. أي رجال هؤلاء ؟؟؟
لست هنا بصدد الدفاع عن العباءات المخصرة أبدا .. لكن لنكن صريحين أكثر .. إن كان البعض يرى في تلك العباءات المخصرة دعوة مغلفة للزنا .. فأعتقد أن في لبس الشباب لـ(لو ويست) دعوة صريحة للواط !!.. وإلا ماحاجة شاب لأظهار عورته ؟؟
كل الأقوام البائدة عذبها الله بعقوبة واحدة ماعدا قوم لوط فقد عذبهم الله بثلاث عقوبات كلنا يعرفها .. كانوا أشد الأقوام البائدة تعذيبا لعظم تلك الفاحشة ...أسأل الله لهم الهداية..
أما الشرط الثاني لقبول العمل هو : الإتباع ..اتباع هدي محمد صلى الله عليه وسلم .. بعبارة أخرى أن يكون ذلك الفعل صوابا .. فهل يرتقي و ينتمي ذلك السلوك إلى قيم الدين وسلوكياته ؟!!.. لاتقل لي بأن هذا من هدي محمد صلى الله عليه وسلم أرجوك ..
وهنا تحضرني قصة للتوضيح .. فقد جاء رجل لعمر بن الخطاب رضي الله عنه يشكو له عبيداً كان يملكهم ، كان هؤلاء العبيد يكثرون من غيبة سيديهم هذا في أحاديثهم .. ثم لم يكن امام هذا السيد إلا أن يضرب هؤلاء العبيد بالسياط تأديبا لهم .. وبعد مدة وقع شيء من ذلك في نفسه ، فذهب لأمير المؤمنين يسأله عن مدى جواز مافعل بهم وهل هو مصيب أم مخطئ .. فقال له أمير المؤمنين عمر : يؤتى يوم القيامة بأفعالهم (غيبتهم ) فتوضع في كِفَّه ، ويؤتى بفعلك (ضربهم بالسياط) ويوضع في الكِفَّة الأخرى ثم يُنظر أيهما ترجح.. فيقتص هذا من هذا ..
إذن الأمر في الحقيقة أدق وأعظم مما نتصور...
وبالنهاية أجدها فرصة لتوضيح اشكالية يقع فيها الكثير من الناس دون وعي منهم واسأل الله أن لا يحرمك الأجر على اتاحة هذه الفرصة للتوضيح ..
هناك الكثير ممن يحكمون على الناس من خلال مظاهرهم الخارجية فقط .. ولا أنفي هنا أهمية الظاهر ..
ولكنه ليس مقياس مطلق أبدا ..
عند أهل العلم قاعدة تقول (( الإيمان أعمال ظاهرة وباطنة وبعضها يَفْضُل بعضها ))
رجل ملتحي مقصر لثوبه ولكنه لا يصلي الفجر في جماعة .. وهذا النوع موجود والواقع يشهد .. وفي المقابل رجل آخر حليق ومدخن ولكنه حريص على تأدية جميع الفروض في جماعة .. السؤال المطروح هنا :
أيهما أعظم ذنبا عند الله ؟؟؟
للآسف الملتحي ..و ذلك لأنه فرط في حق من حقوق الله عز وجل ( الصلاة جماعة ) .. أما المدخن الحليق فقد فرط في حق من حقوق نفسه كالذهاب بصحته ..والتفريط بحقوق الله أعظم بكثير من التفريط بحقوق النفس .. حتى الذنوب درجات ورتب ..
أرأيتم !!.. لا أحد يستطيع أن يزكي أو في المقابل يزدري أحدا فقد يكون له من الأعمال الباطنة مانجهل عِظمها..
أخيرا لا يسعني إلا أن أشكرك استاذي على رحابة صدرك لأحتواء الحوارو لتعم الفائدة
أسأل الله لنا ولك التوفيق
دمت بحفظ الرحمن