السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رأيت العادة تغلب على الإنسان ، فإذا حياته مجموعة من العادات ؛ فمن اعتاد فعل الخير
ولازمه صار له صفة ثابتة ، فالذي يعوِّد نفسه البسمة عند لقاء الناس تنطبع عليه بعد
مدة ويصعب عليه تركها ، ومن عوَّد نفسه ذكر الله تعالى وداوم على تحريك شفتيه بذلك
؛ اعتاد هذا العمل وصار جزءاً من حياته حتى أن بعضهم كان يكثر من الذكر لله في كل
وقت ، ثم يلازمها فتصير له عادة كمس لحيته عند الحديث والإشارة بيده كثيراً ، فوصيتي
أن تعتاد الأفعال الجميلة والأخلاق الحميدة ؛ لتكون لك صفات دائمة ، فحب المطالعة
والنهم بالقراءة لا تأتي إلا بعد تصبر عليها وإلزام للنفس بها ، ثم تصبح عادة لا تترك
ويتنعم بها القارىء ويلتذ ، فالمرء يلتزم ما تعود :
لكل امرىء من دهره ما تعودا ... وعادة سيف الدولة الطعن في العدا
وأجمل وقت لطبع عادات الفضائل هو زمن الصبا ، فعلى الوالد أن يعود ابنه كل جميل من
القول والفعل ، حتى آداب الجلوس والمشي والكلام ؛ لترسخ عند هذا الابن ويشب
عليها ، فإن السنوات السبع الأولى من حياة الإنسان هي حياة التكوين وسن القابلية ،
والطفل في هذه السنوات كالصفحة البيضاء يكتب فيها الكاتب ما يشاء .
كتبه : د. عائض القرني
تقبلوا تحياتي
م ن ق و ل