بارك الله فيك أختي بنت الشيخ وشكر الله لك
قال تعالى:
( ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إليَّ المصير وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب إلي ثم إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون ) لقمان 14-15
وقوله تعالى: (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً).النساء:36
وقال تعالى: (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ ) لقمان:14
وقال تعالى: (وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحساناً وذي القربى واليتامى والمساكين وقولوا للناس حسناً) [البقرة: 83].
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((رضى الرب في رضى الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد)) [رواه الترمذي وصححه ابن حبان.
وعن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( دخلت الجنة فسمعت فيها قراءة قلت من هذا؟ فقالوا : حارثة بن النعمان ) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كذلكم البر كذلكم البر [ وكان أبر الناس بأمه ] ) رواه ابن وهب في الجامع وأحمد في المسند.
وعن أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما ، قالت: قَدِمَتْ عليّ أمي وهي مشركة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستفتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: قَدِمَتْ عليّ أمي وهي راغبة أفأصل أمي؟ قال: ((نعم، صلي أمك)) متفق عليه.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( لا يجزي ولدٌ والداً ، إلا أن يجده مملوكاً فيشتريه فيُعتقه )) رواه مسلم .
وعن أبي عبد الرحمن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم: أي العمل أحب إلى الله تعالى؟ قال: ((الصلاة على وقتها))، قلت: ثم أي؟ قال: ((بر الوالدين))، قلت: ثم أي؟ قال: (( الجهاد في سبيل الله)). متفق عليه.
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل استأذنه في الجهاد: ((أحي والداك؟ قال: نعم، قال: ففيهما فجاهد)) [رواه البخاري].
أما سمع هؤلاء بقول العلماء:"" كل معصية تؤخر عقوبتها بمشيئة الله إلى يوم القيامة إلا العقوق، فإنه يعجل له في الدنيا، وكما تدين تدان ""
وإن المعتاد في الخطب والمواعظ والكتب والمقالات أن يبدءوا بالحديث أو الكتابة عن حقوق الوالدين لما لعظم حق الوالدين على أبنائهم , أقول نعم . فكفى بتقرير حقهما قول ربنا - عز و جل - :
{ وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً ..} فقرن الله - تعالى _ بين عدم الشرك به - سبحانه وتعالى - وطاعة الوالدين في حكمه وقضائه العادل , وحقوق الوالدين عظيمة وهما سببا لدخول الجنة لمن أطاعهما , وسببا لدخول النار لمن عقهما كما دل على ذلك الكتاب والسنة .
ويا أيها الآباء - عندكم ودائع قد وصاكم الله عليهم، لتقوموا بمصالحهم الدينية والدنيوية. فتعلمونهم وتؤدبونهم، وتكفونهم عن المفاسد، وتأمرونهم بطاعة الله، وملازمة التقوى على الدوام " .
وحذرنا - ? - من مصير التفريط في الأهل والولد فقال :
[ يأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ قُواْ أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاَظٌ شِدَادٌ لاَّ يَعْصُونَ اللَّهَ مَآ أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ( ) ].
قال الإمام الشوكاني :
" قوله- تعالى -: { يأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ قُواْ أَنفُسَكُمْ } بفعل ما أمركم به، وترك ما نهاكم عنه .ة{ وَأَهْلِيكُمْ } بأمرهم بطاعة الله، ونهيهم عن معاصيه .
{ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ } أي: ناراً عظيمة تتوقد بالناس وبالحجارة كما يتوقد غيرها بالحطب ...... قال مقاتل بن سليمان: المعنى: قوا أنفسكم وأهليكم بالأدب الصالح النار في الآخرة. وقال قتادة، ومجاهد: قوا أنفسكم بأفعالكم، وقوا أهليكم بوصيتكم. قال ابن جرير: فعلينا أن نعلم أولادنا الدين والخير، وما لا يستغنى عنه من الأدب ".
وقال الإمام السيوطي في الدر المنثور : أخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه و البيهقي في المدخل عن علي بن أبي طالب ? في قوله تعالى : { قُواْ أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً } . قال: علموا أنفسكم وأهليكم الخير وأدبوهم.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله: { قُواْ أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً } قال: اعملوا بطاعة الله، واتقوا معاصي الله، وأمروا أهليكم بالذكر ينجيكم الله من النار.
وأخرج ابن مردويه عن زيد بن أسلم ? قال: " تلا رسول الله ? هذه الآية: { قُواْ أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً } . فقالوا: يا رسول الله كيف نقي أهلنا نارا؟ قال ? : " تأمرونهم بما يحبه الله وتنهونهم عما يكره الله ".
" جاء رجل إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ، يشكو إليه عقوق ابنه فأحضر عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ابنه وأنَّبه على عقوقه لأبيه، فقال الابن: يا أمير المؤمنين، أليس للولد حقوق على أبيه؟ قال: بلى. قال: فما هي يا أمير المؤمنين؟ قال: أن ينتقي أمه، ويحسن اسمه، ويعلمه الكتاب (القرآن). فقال الابن: يا أمير المؤمنين إنه لم يفعل شيئاً من ذلك: أما أمي فإنها زنجية كانت لمجوسي، وقد سماني جعلاً (جعراناً)، ولم يعلمني من الكتاب حرفاً واحداً. فالتفت أمير المؤمنين إلى الرجل، وقال له: جئت إليّ تشكو عقوق ابنك، وقد عققته قبل أن يعقك، وأسأت إليه قبل أن يسيء إليك.
فلقد قرر هذا الأثر ثلاثة حقوق أساسية للولد على أبيه :
حق انتقاء الأم - وحق التسمية - وحق التعليم
وهذا لا يقتصر على العقوق فقط بل على البر ايضاً..
ولكل مجتهد نصيب..
بروا آبائكم تبركم أبنائكم..