ان العاقل يستدل علية بعلامات وهذه العلامات اما ان تكون من حيث الصورة والثاني من حيث المعنى والاحوال والافعال
دلالة الصور:
قال الحكماء الخلق المعتدل والبنية المتناسبة دليل على قوة العقل وجودة الفطنة واذا غلظت الرقبة دلت على قوة الدماغ و وفوره ومن كانت عينه تتحرك بسرعة وحدة فهو مكار محتال لص و أحمد العيون (يراد بها اعظمها ) الشهل واذا لم تكن الشهلاء (الشهل كما في لسان العرب "بضم الشين" أن يشوب سواد العين زرقة )
شديد البريق ولا يظهر عليهما صفرة ولا حمرة دلت على طبع جيد واذا كانت العين صغيرة غائرة فصاحبها مكار حسود ومن كان نحيف الوجه فهو فهم مهتم و اللطف في التحاف القصار اضهر المعتدلون في الطول انهم صالحو الحال
قال الشعبي قال حدثني عجلان قال لي زياد أدخل علي رجل عاقل قلت لا اعرف من تعني قال لا يخفى العاقل في وجهه وقده فخرجت فاذا أنا برجل حسن الوجه مديد القامه فصيح اللسان قلت ادخل فدخل فقال زياد يا هذا أني قد أردت مشاورتك في أمر فما عندك قال اني حاقن ولا رأي لحاقن قال يا عجلان ادخله المتوضأ فلما خرج قال اني جائع ولا رأي لجائع قال يا عجلان ائته بالطعام فأتى به فطعم ثم قال سل عما بدا لك فما سأله عن شي الا وجد عنده بعض ما يريد
قال احمد ابن محمد ابن عيسى قال سمعت يوسف ابن الحسين يقول سمعت ذا النون يقول من وجدت فيه خمس خصال رجيت له السعادة ولو قبل موته بساعتين قيل وما هي قال استواء الخلق وخفة الروح وغزارة العقل وصفاء التوحيد وطيب المولد
دلالة الاحوال والافعال:
قال الشيخ ابن الجوزي يستدل على العاقل بسكوته وسكونه وخفض بصره وحركاته في أماكنها اللائقة بها ومراقبته للعواقب فلا تستفزه شهوة عاجلة عقباها ضرر وتراه ينظر في الفضاء فيتخير الأعلى والأحمد عاقبة من مطعم ومشرب وملبس وقول وفعل ويترك ما يخاف ضرره ويستعد لما يجوز وقوعه.
قال أبو الدرداء ألا انبئكم بعلامة العاقل ؟ يتواضع لمن فوقه ولا يزدري من دونه يمسك الفضل من منطقه يخالق الناس بأخلاقهم ويحتجز الايمان فيما بينه وبين ربه عز وجل فهو يمشي في الدنيا بالتقية والكتمان
قال القرشي ان لقمان قال لابنه يابني ما يتم عقل امرئ حتى يكون فيه عشر خصال
الكبر منه مأمون, والرشد فيه مأمول , يصيب من الدنيا القوت وفضل ماله مبذول , والتواضع احب اليه من الشرف! والذل احب اليه من العز لا يسأم من طلب الفقه طول دهره , ولا يتبرم من طلب الحوائج من قبله يستكثر قليل المعروف من غيره ويستقل كثير المعروف من نفسه والخصلة العاشرة التي بها مجده وأعلى ذكره أن يرى جميع أهل الدنيا خيرا منه وأنه شرهم وأن رأى خير منه سره وتمنى أن يلحق به وان رأى شرا منه قال لعل هذا ينجو وأهلك أنا فهنالك حين استكمل العقل.
وقال القرشي ان لقمان قال لابنه
غاية الشرف والسؤدد حسن العقل ومن حسن عقله غطى ذلك جميع ذنوبه واصلح ذلك مساويه ورضى عنه مولاه.
وكما قال المهلب ابن ابي صفره يعجبني ان ارى عقل الكريم زائد على لسانه ولا يعجبني أن أرى لسانه زائدا على عقله.
انتهى
المرجع كتاب الاذكياء
تأليف / الشيخ الامام العالم ابي الفرج عبدالرحمن ابن على ابن الجوزي
دراسة وتحقيق / محمد عبدالرحمن عوض
هذا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
منقوول
أخوكم المحب
محمد المسعري