أنصح كل موظف بأن يأخذ صورة تذكارية مع راتب هذا الشهر لأنه سوف يختفي عن الأنظار قبل مجيء عيد الأضحى المبارك، كل مائة ريال في هذا الراتب تعرف جيدا أن بقاءها في جيب هذا الموظف المنحوس هو أمر مؤقت حيث ستهرب مثلما تهرب الخادمات الآسيويات من كفلائهن ولن يستطيع العثور عليها مهما طال الزمن.
خلال هذا الأسبوع سوف تتبخر الريالات مثلما يتبخر الماء فالريال الذي ينجو من جشع تجار الملابس سوف ينطحه خروف العيد، وإن استطاع أحد منكم أن يخبئ بضعة ريالات تحت البلاط فليعلم جيدا أنها ستكون من نصيب أصحاب الملاهي ومحلات الالعاب وأنه سوف يضطر خلال أيام إلى بيع البلاط الذي خبأ تحته هذه الريالات.
راتب هذ الشهر ياولدي مفقود مفقود مفقود، لذلك يجب أن يستعد العقلاء لمرحلة ما بعد العيد وهي مرحلة سوف تزدهر فيها عبارة: (ما عندك خمسمية سلف؟)، والمقصود بالاستعداد هو تحسين العلاقات مع الأصدقاء الذين يحتمل أن يمتلكوا هذه (الخمسمية) وعدم الاكتفاء بتهنئتهم برسالة جوال بل الاتصال بهم وإن لزم الأمر زيارتهم ودعوتهم إلى الغداء، فما دام خروف العيد سوف يخر صريعا في كل الأحوال فإن الحكمة تستوجب دراسة الملاءة المالية للمدعوين والحذر كل الحذر من دعوة الأصدقاء (الطفرانين) لأنهم بعد الغداء سوف يوجهون لك السؤال ذاته: (بالله ماعندك خمسمية سلف؟) وحين ترد عليهم بشكل تلقائي: (منين ياحسرة) فإنهم سوف يسبقونك إلى الاقتراض من المدعوين الذين اخترتهم بعناية.
هذا الراتب سوف يرحل من أمام عينيك وهو في عز الشباب، ولن يعيده بكاؤك الحار عليه فإذا المنية أنشبت أظفارها ألفيت كل بطاقة صراف لا تنفع، سيكون القاتل الأول الذي سوف يفتك بهذا الراتب المسكين (أم العيال) والتي سوف تمزقه إرباً إرباً على طريقة قاتلي الفنانات هذه الأيام، وإن كتبت له الحياة ونجا من براثن هذه المرأة المتوحشة فإنه لن ينجو من سيوف تجار الملابس وإرهاب باعة الأغنام.
حين تقترب من جهاز الصراف لسحب راتب هذا الشهر عليك أن تدرب نفسك على مواجهة أحد الأبطال الخالدين في التاريخ، فهذا الراتب يعرف أنه سيواجه مصيره المحتوم قبل أن ينعم بالحياة الدافئة في جيبك ولكنه مع ذلك سوف يتقدم إلى الكاشير بكل ثقة وهو يقول: (من لم يمت بالعيد مات بغيره).
ابن واصل البدراني الدوسري